لست هنا لأحكى عن حياتي فليس فيها ما يستحق أن يقال ولكن في حياة كل انسان مرحلة غامضة في أرض غامضة ومن حق كل من يأتي بعدنا في هذه المتاهة أن نترك له عظة تجنبه بعض ما أصابنا وتوفر له بعض ما أضعنا ونوفقه إلي ما لم نوفق إليه لا أكثر ولا أقل.
هكذا بدأت "م" حديثها بمجرد دخولها إلى محكمة الأسرة بالقاهرة . أضافت لقد سجلت إحدى المدن الجديدة أروع وأنقي قصة غرام ولكن القدر وحده هو الذي وضع ختامها .
بدأت خيوط هذه القصة عندما نفذ سهم الهوى وعقد بين قلبين ثم قفز هذا الحب إلى أعلى مراتب السمو وتحول إلى اسطورة غرام عذبة طاهرة. ولكن علامات الشقاء بدأت تحوم حولنا عندما رفضت أسرتي الارستقراطية هذا الحب وهذه الزيجة غير المتكافئة فهو موظف بسيط لا يملك من حطام الدنيا إلا شقة صغيرة داخل هذا الحي والتي لا تناسب وضع أسرتي التي تقطن بإحدى الفيللات الفاخرة ولكن حبي وإصراري على الارتباط بالحبيب كان الأقوى مما دفعني إلي الزواج منه دون موافقة أهلي .
وبعد قضاء شهر العسل مباشرة اكتشفت الحقيقة العارية والتي تتمثل في أن الأفندي سكير وصاحب نزوات بل ويتعاطى المخدرات وهنا أصبحت حياتي الزوجية ضربا من ضروب المغامرة وبالتالي أصبح سلوكه قطعا مصدر نكد وعكننة بعد معرفتي بتلك المهازل الرخيصة التي ينفرد ببطولتها والتي لم تكتف عند هذا الحد. بل بدأ في اصطحاب أصدقائه داخل العش الهادي للسهر والعربدة ومشاهدة الأفلام "اياها".
وأصبح منزلي بدلا للاستمتاع تحول للاستماع إلى ألفاظ منتقاة وقحة لقد دأب بعض أصدقائه على التجمع والتكتل اليومي داخل شقتي وما يكاد العرض يبدأ حتى يتبادلوا النكات السافرة النابية المقرونة بأنغام موسيقية وضيعة انهم لا يقتصرون على احداث هذه الشوشرة الفاضحة بل يتعمدون مستظرفين التعليق على جسدي وقوامي بأنه مغري حتي وصلت إلى حد ذكر التفصيلات الدقيقة فيها فدوت ألفاظهم المجردة كالقنابل المتفجرة لتخدش حيائي ولما طالبتهم بالتحشم حولوا دفة التريقة عليه وأمطروني بوابل من النكات اللاذعة و"البيه" موافق على كده .
بل السواد الأعظم انه بدأ يطلب مني مجالسة بعضهم من مبدأ الهزار والفرفشة لأنهم هم الذين يقومون بمتطلبات السهرة يوميا دون حياء ولم تكن المصيبة عند هذا التجاوز فقط بل بدأ يتناول ويسترسل ما يدور بيننا في غرفة النوم بأدق التفاصيل من مواقف غرامية وبأساليب مخلة بالآداب جارحة للحياء فالقبلة لها أكثر من تعليق والحوار العاطفي له أكثر من تحوير تحوير يخدش الحياء والأعراض انهم يعتمدون علي كثرتهم في عدم اعتراضي عليهم.
والويل كل الويل لو تذمرت أو كان الاحتجاج سبيلي فمصيري الاهانة والضرب والسب بل والطرد في الشارع حتي الافندي زوجي لم يسلم من سبهم وتريقتهم وما يناله من بهدلة وهو في غيبوبة المزاج العالي . لقد ضاق بي الخناق ولم أستطع مقاومة تلك الفضائح أكثر من ذلك لذا حضرت إليكم لخلعه .